طروحات التسوية التي تقودك إلى تقديم التنازلات من مواقفك ومواقعك في العقيدة والحياة ، فقد يدفعونك إلى أن تقدم فروض العبادة إلى إله آخر ، أو تدعو إلى عبادة غيره تحت تأثير نقاط الضعف في شخصيتك.
وإذا كان هذا الفرض غير وارد بالنسبة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المعصوم عن الانحراف ، فإن القرآن قد اتخذ أسلوب مخاطبة الأمة من خلال توجيه الخطاب إلى النبي ، للتدليل على مستوى الأهمية الذي ترقى إليه القضية ، مما يجعل الاحتياط في التأكيد عليها ، يأخذ الحجم الكبير الذي يتخذه الخطاب القرآني في تحريك التوجيه إلى النبي ، لا إلى الناس ، للإيحاء للدعاة إلى الله بأن عليهم أن يكونوا في موقع اليقظة من كل الوساوس التي يثيرها المنحرفون في صدورهم وفي حياتهم ، (فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) لأن الشرك يستدعي العذاب الشديد من الله.
* * *
(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)
(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) كقاعدة أولى لإنذار الآخرين ، لأن الناس قد يتحدثون معه عن عشيرته بأنهم الأولى باتباعهم خط الدعوة في ما يجب أن يلتقوا به من مفاهيمها وتعاليمها ، فإذا آمنوا به وصدقوه كانوا عونا له على رسالته بالتفافهم حوله ونصرتهم له ، بينما يفرض الموقف المعاكس نتيجة معاكسة ، لأنهم يكونون حجة عليه ، حيث يمكن أن يثأر الحديث لديهم بأنه لو كان صادقا لصدّقته عشيرته لأنه أعرف الناس بهم وأقربهم إليه.
وقد اختلف المفسرون في هذه الآية ، فقد جاء في الدر المنثور عن أبي أمامة قال : «لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بني هاشم فأجلسهم على الباب ، وجمع نساءه وأهله فأجلسهم في البيت ، ثم اطّلع عليهم