(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) فهي مستقرة لا تهتز ، وبذلك يرتاح الناس إلى العيش فيها والاستقرار عليها ، بالرغم من حركتها الدائبة على مستوى اللحظة في دورانها المستمر ، (وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً) في الفراغات الموجودة في الفرج الواسعة أو الضيّقة التي تتحرك فيها الأنهار ، (وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ) وهي الجبال التي تمنع الأرض من الاهتزاز ، (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) في اختلاط الماء العذب بالماء المالح من دون أن يؤثر أحدهما على الآخر من خلال حاجز خفيّ ، من قدرة الله ، مانع من امتزاجهما واتحادهما في طعم واحد ، كما هي طبيعة الأشياء. وربما أريد منه مواقع الماء المالح ومواقع الماء العذب في ما هي المسافة بين البحر والنهر ، التي جعلت الماء المالح في مكان أكثر انخفاضا من الماء العذب ، فيستمد الماء المالح استمراره مما يأتيه من الماء العذب المتدفق من الأعالي ، ولو اختلف الأمر وانعكس ، لفسد الماء العذب ، واختلفت الحياة.
(أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) يشاركه خلقه ويستعين به على أمره لتعبدوه من دونه أو معه ، (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ولا يميزون حقائق الأشياء ، سواء منهم الذين يعيشون الشك والشبهة أو الذين يعيشون الغفلة أو العناد في الفكرة المضادّة.
* * *
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) فهو الذي يرجع إليه المضطر إذا ضاقت به الأمور ، واشتدت عليه الضغوط ، وكثرت حوله التحديات ، وتعقدت أمامه المشاكل حتى بدأ يحس بالاختناق ، ويشعر بالحصار الذي يطوّقه من جميع الجهات ، فيرجع إلى ربه في إحساس خفيّ بالحاجة إليه ، وبأنّه