الأساليب المتعنتة ، أو الساخرة ، من أجل إسقاط روح الرسول ، وتشوية صورة الرسالة.
وهذا ما يجب للداعية أن يعيشه عند ما ينطلق أعداء الدعوة لمواجهته بالأساليب المماثلة بغية إسقاط روحه ، وتشوية دعوته ، فلا ينفعل ، ولا يسقط ، ولا يتزلزل ، بل يواجه ذلك كله ، بما يستحقه من الردّ الحاسم بالحكمة والقوّة ، والأسلوب المتّزن المنفتح على كل جوانب القضية وأعماق المشكلة.
(تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) وقد يكون المراد منه منازل الشمس والقمر من السماء أو الكواكب المتناثرة في الفضاء ، (وَجَعَلَ فِيها سِراجاً) وهي الشمس التي تضيء الكون كله فتطرد الظلام منه ، (وَقَمَراً مُنِيراً) ينير الليل بضيائه الهادىء الذي يوحي بالأجواء الحالمة ، والوداعة الروحية (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) يخلف كل منهما صاحبه ، في خصائصه الكونية التي تحتوي حياة الإنسان والحيوان والنبات ، فتبعث فيها روح التوازن ، حيث جعل الليل لباسا والنهار معاشا ، مما يفرض على الإنسان أن يفكر فيه ، ليكتشف جوانب الدقة في الخلق ، والعظمة في الإبداع ، (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) فيدفعه ذلك إلى وعي مسألة الإيمان في ذاته ، وإلى موقع الله في حياته وحياة الكون كله ، فلا يغفل عنه طرفة عين ، أمام هذا الوجود الذي ينفذ إلى كل لحظة من لحظات وجوده ، فيستوعب كل جوانبه ، فيرى الله في كل شيء حوله ، في إشراقة النهار ، وفي ظلام الليل ، (أَوْ أَرادَ شُكُوراً) عند ما يرى حركة النعمة في ذلك عبر أجواء الراحة التي تحتوي جسده ، فتدفعه إلى الهدوء في النوم الذي يطبق على حواسه ، فيبعث فيها الخدر اللذيذ ، والراحة المنعشة ، أو عبر ما هيّأه له من حركة اليقظة المندفعة المتوثبة بالانطلاق نحو معاشه بما يكفل له الاكتفاء الذاتي ، لتستمر حياته (١).
__________________
(١) وقد جاء عن الإمام الصادق عليهالسلام : كل ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار ، قال الله ـ