فقال عمر بن الخطاب : ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم ، فقال : إني أعطيتهم الأمان ، وأمر صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخرجوا من المدينة ، ونزلت الآية (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) من أهل مكة ، أبا سفيان وأبا الأعور وعكرمة ، (وَالْمُنافِقِينَ) ابن أبيّ وابن سعد وطعمة» (١).
وإذا كنا نتحفظ في أسانيد أسباب النزول ، فإننا لا ننطلق في تفسيرنا للآيات منها ، بل نحاول استيحاء المعنى من ظاهرها. وعلى كل حال ، فإن هذه الأسباب ـ لو صحت ـ فإنها لا تعني تجميد الآية في دائرتها ، بل تمثل نقطة الانطلاق للمعنى الشامل الذي يشمل كل المفردات المماثلة في الحياة كلها.
* * *
تحديد الخطوط العامة للدعاة في خط السير
ما هي الخطوط العامة التي يحدّدها الله لنبيّه وللمسلمين من خلاله ليسيروا عليها في التزامهم الإسلامي ، ليحتفظوا لأنفسهم بالصفاء الروحي في العقيدة ، وبالثبات العملي في الشريعة ، وبالاستقامة على الطريقة الواضحة ، والاستسلام الكامل لله والانفتاح عليه في كل شيء ، والثقة برعايته وتدبيره وعنايته في كل الأمور؟
إنها الخطوط العامة التي قد يحتاج المسلم إلى أن يلتزمها في رحلته في الحياة إلى الله ، في ساحة التحديات التي تحاول أن تهزّ قناعاته ، وتزلزل مواقعه ، وتبعده عن خطه ، وتنحرف به عن أهدافه ، لأن النفس قد تميل عن الحق بفعل الضغوط النفسية ، التي تضغط بها الجماعات المنحرفة أو الظروف القاسية ، مما يفرض على المسلم الملتزم ، أن يبحث عن العناصر التي تثبّته
__________________
(١) مجمع البيان ، م : ٤ ، ص : ٤٣٤.