الجمعي» الذي بيّنه ووصفه الفيلسوف الاجتماعي «جوستاف لوبون» حيث قال : «إنه مهما كانت منزلة الأفراد الذين يكوّنون مجتمعا من المجتمعات ، ومهما بلغوا من تشابه بعضهم لبعض ، ومهما اختلفوا من حيث الميول ومقدار الذكاء والمهنة ونظام الحياة ، فإن اجتماعهم معا يمنحهم عقلا جمعيا ، يجعلهم يفكرون ويشعرون ويعملون بطريقة مخالفة لطريقة تفكيرهم وشعورهم وعملهم ، لو كان بعضهم بمعزل عن بعض.
وإن هناك عوامل ثلاثة أساسية ، تعمل على ظهور هذه الروح الجمعية ، أو العقل الجمعي ، هي :
أوّلا : ما يسمّى بالشعور بعدم المسؤولية ، فالفرد في الحشد يلقي المسؤولية على الجمع نفسه ، ويتحرر ـ عادة ـ من التعبير عن ميوله ورغباته وغرائزه ، فهو يختفي وراء الجمع ويطلق العنان لما يكنّه في نفسه من الرغبات. والجمع بكثرة عدده مشجع للأفراد على التعبير عن إحساساتهم في حماسة ويولد عندهم قوة تدفعهم في اتجاه معين.
ثانيا : ما يسمى بالعدوى النفسية ، ويقصد بهذه العدوى تلك الظاهرة النفسية التي تسري من فرد إلى فرد فتجعلهم يرددون الشيء نفسه ، وبشكل آلي. ولهذا هو يصفها بأنها عامل من عوامل «التحذير الاجتماعي» ، به ينسى الفرد نفسه في سبيل غاية جمعية يعمل ويتحرك لتحقيقها. فالمعتقدات سياسية كانت أو دينية تسري بين الجماعات بالعدوى على الخصوص ، وعلى نسبة أفراد الجماعة يكون تأثير العدوى شديدا ولا يلبث المعتقد الضعيف أن يصبح قويا بعد أن يكتسب الأفراد الذين يعتنقونه صفة الجماعة.
والمعتقد بعد أن ينتشر بالعدوى ، لا يلتفت إلى قيمته العقلية لأنه لما كانت العدوى تؤثر في دائرة اللّاشعور ، فإنه لا شأن للعقل فيها. وفي الغالب تكون العدوى ذات تأثير فيمن هم أرفع من في الجماعة ، ولذلك يجب أن لا