إثارة التشويش في مواجهة الدعوة
كيف كان الكافرون يواجهون القرآن الذي أنزل عليهم ، وكيف يواجهون العذاب عند ما يدخلون النار.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بعضهم لبعض ليصدّوا تأثير القرآن على عقولهم ومشاعرهم ، أو على تفكير الناس من حولهم ، (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) بل أغلقوا آذانكم وقلوبكم عن الاستماع إليه حتى لا ينفذ شيء من معانيه إلى أفكاركم فتنجذبوا إليها بطريقة لا شعوريّة.
(وَالْغَوْا فِيهِ) وتحدثوا بلغو الكلام الذي لا معنى له ، لإثارة الضوضاء من حوله ، بحيث يفقد القارئ توازنه عند القراءة ويضطرب الناس لدى الاستماع إليه ، والإنصات إلى كلماته ، (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) الرسول بهذه الطريقة ، فلا يستمع إليه أحد ، ولا ينجذب إلى دعوته أحد ممن يعيشون بساطة الفكر وعفويّة الروح وصفاء المشاعر والبعد عن التكلّف والتعقيد ، لأن مشكلتنا هي في انجذاب أفكارنا ، لا شعوريا ، إليه أو في انجذاب الآخرين إلى دعوته .. وهكذا كانوا يواجهون الدعوة بالأساليب الضاغطة المتعسفة ، لأنهم عاجزون عن مواجهة التحديات الفكرية التي يطرحها أمام المستمعين إليه ، في ما يطرحه من أفكار ، وفي ما يحرّكه من قضايا ومفاهيم وشرائع في الحياة العامة والخاصة للناس.
ذلك أن العاجزين عن مواجهة المنطق بمثله ، يلجأون إلى استعمال القوّة الغاشمة ، أو إثارة الضوضاء حول العاملين في سبيل الله والداعين إلى دينه. ولمّا كان هؤلاء يفتقرون إلى الحجة على مواقفهم وأفكارهم ، وكانت الحجة لله عليهم ، فإن الله يتهددهم بالعذاب الذي يستحقونه جزاء على ذلك ..
* * *