(وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) أي كل ما تطلبون وكل ما يخطر ببالكم من أشياء يتطلبها الإنسان في عقله وروحه وشعوره. (نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) وهو من أعدّ لكم كل هذا النعيم ، وأنزل عليكم هذه الرحمة ، فغفر لكم ذنوبكم التي ألممتم بها في الدنيا ، ورحمكم بالجنة التي أعدها لعباده المؤمنين الصالحين في الآخرة.
* * *
الدعوة الى الله والإسلام أحسن الأقوال
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) من موقع إيمانه الذي عاش عمق العقيدة في عقله ووجدانه ، وتحرّك في حياته من موقع المسؤولية ، في خط الدعوة ، عاملا على فتح عقول الناس وقلوبهم على الله ليعرفوه ويؤمنوا به ويتحركوا في طريق طاعته ، وكان ذلك همه الأساس الذي يحول العقيدة إلى حالة في الذات ، وحركة في الرسالة ، لأن كل مؤمن رسول في حجم قدرته على أداء الرسالة والإيمان في مضمونه شأن من شؤون الدعوة إلى الله ، (وَعَمِلَ صالِحاً) باعتبار أن العمل الصالح هو التجسيد الواقعي للإيمان الذي لا يريد الله له أن يكون مجرد حالة عقلية في الفكر ، أو شعورية في الإحساس ، بل يريده أن يكون موقفا في العمل ، وحركة في الذات ، ولهذا رأينا القرآن يركز دائما على العمل الصالح إلى جانب الإيمان ، فلا يكتفي بالإيمان وحده ، كما لا يكتفي بالعمل وحده (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) لله في كل أموري في الحياة ، فلا أملك فكرا غير ما أوحاه الله من الفكر ، ولا أتحرك في عاطفة أو شعور إلا في الخط الذي أرادني أن أحرّك مشاعري فيه ، فلا أحب إلا من يحب ، ولا أبغض إلا من يبغض ، ولا أبني علاقاتي العملية إلا في الدائرة التي تبني للأمة القواعد التي تشد الناس بعضهم إلى بعض ، وتجمعهم في العمل والحركة من أجل بناء الحياة على أساس ثابت في مواضع رضى الله ، ولا أنتمي إلا إلى المحور الذي تنطلق في داخله رسالة الله في حركيتها الفاعلة في مواجهة