وتدعو إلى الخضوع لله والانقياد لأوامره ونواهيه.
(وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ) اللّذان يتعاقبان في نظام محكم دقيق ، يحددان من خلاله للإنسان والمخلوقات خطوط الزمن الذي ينظم حركة الحياة ، (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) اللّذان يجريان بقدرة الله فيعطيان الإشراق والدفء ، ويمنحان الكون جمالا يسحر العقول والأبصار ، ويفيضان على الكون بكثير من الفوائد التي تطال قوانينه الظاهرة والخفية ، من دون أيّ خلل في حركة نظامهما ، أو توازن وجودهما ، مما يجعل الإنسان الذي يربط بين الظواهر يجد فيهما دليلا قاطعا على وجود الله وتوحيده وعظمته وحكمته ، باعتبارهما مظهرين حيين لذلك ، ومن خلال ذلك. فإن الإنسان الواعي المفكر لا يندمج في ذاتهما ، ولا يستغرق فيهما استغراقا أعمى ، كما يفعل بعض الجاهلين الذين يرون عظمتهما وارتفاعهما وتأثيرهما على حركة الكون ، فيعتقدون لهما تأثيرا في الوجود ، وسرّا في الربوبية ، يوجب لهما الطاعة والخضوع .. ولهذا جاءت الفقرة التالية من الآية لتؤكد رفض السجود لهما ، من خلال الاستغراق فيهما ذاتيا : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) مما يجعلكم تزدادون ـ برؤيتهما ـ تعظيما لله وسجودا بين يديه ، لأنهما مهما كانا كبيرين عظيمين ، فالله هو الأكبر والأعظم ، لأنه هو من خلق الكبير والعظيم ، فاسجدوا له ولا تسجدوا لغيره (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فإن عبادة الله تفرض التوحيد في الخضوع والسجود ، ولا تقبل غيره شريكا له في ذلك.
* * *
الملائكة العابدون المسبّحون
(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) ورفضوا عبادة الله ، والسجود له ، وأقبلوا على عبادة غيره من مخلوقاته ، فلن تزول عبادة الله من الوجود ، لأنهم ليسوا ـ وحدهم ـ الذين يمكن أن يعبدوا الله ، فهناك الملائكة الذين يملكون المقام الرفيع ،