أيديكم ومن خلفكم ، ولا يغيب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء.
* * *
صفات الذكر وأسلوب مواجهة الكافرين به
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ) من دون أن يتأمّلوه ويتدبّروه ويفكروا فيه سوف يلاقون الجزاء الذي يلاقيه أيّ كافر ملحد في آيات الله ، ولكنهم لن يستطيعوا انتقاص شيء من الذكر ، لأنهم لا يمثلون أيّة قيمة في حسابات الميزان الثقافي والاجتماعي ، فلا قيمة لكفرهم به (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) لا ينتقص منه أحد ، ولا يتغلب على مضمونه الفكري فكر آخر ، ولا يستطيع أحد أن يزيد فيه أو ينقص منه في كلماته ، لأن الزيف سوف يظهر أمام الحقيقة الخالصة ، (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) فهو الحق الخالص من شائبة الباطل ، لا ينفذ إليه الباطل من قريب أو بعيد من أيّة جهة كان ، وقد نستوحي من ذلك أن التحريف لا يدخله ، إذا ما كان المقصود به مجموع الكتاب ، فلا يمكن لأحد أن يزيد فيه شيئا ، لأن كل زيادة هي من الباطل ، وأي تحريف يغيّر بعض الحروف وبعض الكلمات لا يدخله.
(تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فقد أتقن كل آياته بدقّة الصنعة ، وإبداع الحكمة ، من خلال مواقع الحمد في ذاته المقدّسة.
(ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) فقد نسبوا إليك كما نسبوا إلى غيرك من الرسل تهمة السحر والجنون والشعر والكهانة والكذب وغير ذلك مما ابتدعوه في مخيلاتهم وفي أوهامهم ، وكانوا يريدون بتلك الاتهامات أن يهربوا من مواجهة الدعوة ، ليبرروا كفرهم وتمردهم وطغيانهم ، ولكن الله يراقب الأمر كله ، ويرصد الناس كلهم ، فيغفر لبعض ، ويعاقب بعضا ، (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) فلينظروا كيف يواجهون الموقف أمام هذين