المشقة في سبيل الحصول عليه ، ويدعو ربه أن يمنحه إيّاه عند فقده ، ثم يستغرق فيه حتى ينسى الله الذي أعطاه إياه ، (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) يعيش العجز في حال انقطاع الأسباب الطبيعية للرزق ، وللصحة ، وللأمن ولغير ذلك ، ويقوده ذلك إلى اليأس وانقطاع الرجاء ، وعند ذلك يرجع إلى الله ليدعوه طالبا إنقاذه من ذلك كله.
(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي) فليس لأحد أن ينازعني فيه ، وليس لأحد أن يمنع عني حرية التصرف في شأنه ، أو أن يحاسبني على ما أفعله فيه ، وهكذا يستغرقه الشعور بالنعمة حتى ينكر البعث فيقول : (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) ويعيش مع طول الأمل والوهم الكبير الذي ينسيه الآخرة ، (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) أي الثواب الحسن ، أو العاقبة الحسنة لأن عطاء الله ونعمته يدلان على أن لي عنده الموقع الكبير. فلا يتصور النعمة التي تلفه صادرة عن الله من موقع الرحمة التي يشمل بها عباده ليبتليهم بها ، كما يبتليهم بالحرمان ، كي يفكروا بالشكر وبالمسؤولية في ذلك كله ..
(فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) فهذا هو الموقع الذي ينتظرونه يوم القيامة.
(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) كناية عن الابتعاد بنفسه في استعراض للتكبر والزهو والخيلاء ناسيا حاجته إلى الله ، (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) نتيجة ما يعيشه من أجواء نفسية قلقة سببها الهلع والفزع والرعب من البلاء حتى يظل الدعاء شغله الشاغل في الليل والنهار.
* * *
من أضلّ من الكافرين بالقرآن؟
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي لو كنت صادقا في ما أقوله لكم