في أجواء السورة
خلال الدعوة في مكة ، كانت المشكلة المطروحة في الساحة ، هي مسألة الوحي الإلهي المتمثل بالقرآن ، وعقيدة النبوّة باعتبارها الرسالة الإلهية التي يصطفي الله لها بعض عباده .. ولهذا كان الحديث حول القرآن حديث الساعة آنذاك ، ليثبّت المؤمنين من جهة ، وليواجه الكافرين بالحجة القاطعة من جهة أخرى .. لذا تناولت هذه السورة الوحي النازل من الله العزيز الحكيم ، سواء ما نزل منه على النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أو على الأنبياء من قبله ، كما تناولت المجتمع الذي نزل فيه القرآن والتحديات التي أطلقها ، ومنطق من كانوا يواجهون النبي ، والمضمون الذي يحتويه ويلتقي به مع الرسالات الأخرى ، والذي يفسح مجال الحوار على أساس المنطق التوحيدي ، كقاعدة يتحرك الحوار من خلالها .. ثم تناولت السورة التزام البعض بالقرآن ، وتمرّد البعض الآخر عليه ، والنتائج المترتبة على هذا الخيار أو ذاك ، في جانب الإيجاب والسلب ، في إطلالة على الآخرة ، وانفتاح في هذا الجو كله ، على الله في صفاته وآياته الكونية الدالة على سعة قدرته ، وضعف كل من عداه .. وهكذا يتنوع الحديث في السورة ، عن الأسلوب القرآني الذي ينفذ من موقع الفكر إلى حركة الحياة .. وينطلق من الفكرة إلى النماذج المجسّدة لمفاهيمها ومعانيها ، مما يعيش معه القارئ التنوّع الذي يمنح الفكر القرآني العقيديّ حيويّة منفتحة على