للإنسان بشكل مباشر ، وما أخطأ فيه من التزام أوامر الله ونواهيه ، لتكون المغفرة أساسا لإيجاد الجو الذي يقود الإنسان نحو الهداية ، وذلك بإغلاقها ملفّ الماضي والابتداء بسلوك جديد .. أما الحديث عن اختصاص الاستغفار بالذين آمنوا ، فهذا أمر يستفاد من دليل آخر ، لا من الآية الكريمة ، ولعل الآية المذكورة في سورة المؤمن تؤكد أن المراد بالاستغفار هو غفران الذنوب التي اقترفها المؤمنون التائبون ، وذلك هو قوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ* رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [غافر : ٧ ـ ٩].
وربما كانت الآية الأخيرة واضحة في الدلالة على ما ذكرنا من طلب وقايتهم السيئات التي قاموا بها ثم تابوا منها ، بوقايتهم من نتائجها السلبية في عذاب جهنم ، والله العالم.
* * *
(اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
(أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الذي يستجيب للتائبين فيغفر لهم ويرحمهم برحمته في نعيم الآخرة ، كما يغفر للمؤمنين الذين عاشوا روح الإيمان ولم يوفقوا للتوبة ، ولكنهم كانوا يعيشون جوهر التوبة في روحيتهم التي لم تبتعد عن الله في العمق وإن ابتعدت عن بعض حدوده في الشكل ، كما نلاحظه في بعض الناس الذين يريدون أن يتوبوا ، ولكنهم يسوّفون التوبة استعجالا للأخذ بأسباب الشهوات ، وهكذا كان الحديث عن الله العزيز الحكيم