لكل تفاصيل صراع الدعوة مع خصومها ، ثم في الحروب التي أعقبت تلك المرحلة بين المسلمين وبين قريش ..
* * *
عروبة القرآن وانتماؤه العام
نستطيع أن نفهم عروبة القرآن في لغته ، وعروبة الدعوة في موقعها الجغرافي ، وفي مواقعها الإنسانية ، من خلال عروبة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم التي قضت حكمة الله إرساله من هذه الأمة ، وإليها ، فقد اقتضت حكمة الله أن تكون هذه الأمة بالذات قاعدة انطلاق الدعوة في فهمها للرسالة ، بلغتها ، التي نزل القرآن بها ، وفي وعيها لروحيتها والتزامها بها ، وحملها الدعوة إليها ، وانتمائها الرسالي إليها الذي جعلها تنفتح إنسانيا على الساحة العالمية التي تتحرك فيها الرسالة كدعوة للاهتداء بهدى الله في قرآنه وشريعته.
ولكن ذلك ـ مهما بلغ من الأهمية ـ لا يتضمن إقرارا بالتفوق العربي ، أو أن الحاكم المسلم يجب أن يكون عربيا ، أو الوصول إلى درجة التطرف التي وصل إليها البعض ، وهي القول إن الإسلام دين عربيّ ، بالمعنى الفكري والروحي للكلمة.
فقد استطاع الإسلام من خلال القرآن والسنة أن يعرّب المسلمين من غير العرب ، الذين أخذوا بأسباب الثقافة العربية حتى تفوّقوا على كثير من العرب في ذلك ، كما أن الإسلام استطاع أن يعطي العرب البعد الإنساني الذي يحمله في مضمونه الفكري والروحي ، بحيث جعل العروبة خصوصية إنسانية تتفاعل مع الخصوصيات الإنسانية الأخرى في الدائرة الإسلامية ، لتكون معنى في الإنسان لا معنى في القومية الضيّقة .. ومن خلال ذلك نشعر بالحاجة إلى أن يعيش العرب الإسلام كرسالة عالمية تتغذى من طاقة الوعي المنفتح على كل