وتقاليدهم وعاداتهم ، وأن ننهي حوارنا مع الآخرين بعد استنفاد كل وسائل الإقناع بإرجاع الأمر إلى الله الذي يحكم بيننا وبينهم يوم القيامة. فهذا هو خط الإيمان الذي يتحرك منه المؤمن مع الله في كل أموره وقضاياه ، ويكون الله كل شيء في حياته ، منه البداية وإليه النهاية ، ومن خلاله يتحدد خط السير ، فليس هناك إلّا الله في الفكر والمنهج والحركة والاتجاه والانتماء والعلاقات.
(ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) الذي يربّي الكون والحياة والإنسان ، بما يدبره في نظامه الكوني والتشريعي ، من موقع امتلاكه للأمر كله ، الذي لا يملكه معه أحد ، ولا يملك أحد شيئا إلا من خلال ما ملكه .. ولذلك ، فهو الذي ينفتح الإنسان عليه انفتاحا كليا من دون تحفظ ، ثقة برحمته وحكمته ولطفه وعنايته وتدبيره.
(عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) وبما أن الله يملك القدرة كلها ، فلن يخاف من يتوكل عليه أيّة مشكلة في الطريق ، وأيّة مفاجأة صعبة قد تربك واقعه ومصيره ويتحرك نحو أهدافه بقوّة الروح ، وصلابة الإرادة ، وبالثقة بالله ، بعد أن يكون قد أحكم أمره في ما يملكه من أسباب الحركة وحكمة التخطيط. وإذا كان الله هو الذي يحكم بين عباده ، ويقرّر مصيرهم ، فلن يخاف من يرجع إليه ، على قاعدة الإيمان به والاستقامة في طريقه ، لأن ذلك سوف يجعله موضعا لرحمة الله ورضوانه.
* * *
الله فاطر السماوات والأرض
(فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو الذي أبدع خلقها بقدرته ، وهو الذي يديرها ويدبرها بإرادته وحكمته ، ويقدّر لها امتداد وجودها عبر التفاعل الزوجي الذي يحقق استمرار الوجود (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) فكثركم