(يَجْتَبِي) : يصطفي.
(داحِضَةٌ) : زائلة وباطلة.
* * *
الدين منطلق وحدة
في هذه الآيات حديث عن وحدة أصول الرسالات ومفاهيمها العامة التي تبقى ثابتة من دون خلل أو اهتزاز ، وإن اختلفت حركة جزئياتها ومصاديقها التطبيقية ، في ما يمكن أن يتغير من خصوصيات الشرائع ومفردات الأحكام ، فإن ذلك التغير يمثل تغيرا في التطبيق لا في النظرية ، وفي الآيات أيضا حديث عن أسباب اختلاف الناس في أديانهم ـ مع وحدة الدين الحق ـ ، فلم يكن التفرق ناشئا من حالة جهل ، بل عن عقدة بغي وأنانية دفعتهم إلى إنكار الحق الواضح والانحراف عن الصراط المستقيم ، بهدف الحصول على امتيازات ذاتية أو الحفاظ على ما لديهم من امتيازات ، وإسقاط لدعاة الحق ، خوفا من علوّ شأنهم ، وارتفاع درجتهم في الأمة بحيث يسيطرون على الواقع كله.
(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) من توحيد الله في العقيدة والعبادة ، والسير على خط تقواه في كل مجالات العمل ، (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) من ذلك ومن تفاصيل الأحكام التي تتحرك مفرداتها في خط التوحيد ، بما يمثله التوحيد من موقف وحركة ، إلى جانب الفكر الذي يعيش في الذهن.
(وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى) وهم الذين يمثلون ـ إلى جانب نوح ـ النبوّة العامة التي تتحرك في دائرتهم كل النبوّات الخاصة وهي تشتمل المبادئ العامة في العقيدة ، والأخلاق وفي مقدمتها الوصايا العشر ، والخطوط المتحركة على صعيد الشريعة ، في ما تفرضه حاجة الزمن في مرحلة معينة مما قد تتجاوزها مرحلة أخرى .. ولم تكن تلك الوصايا فكرا يراد له أن