يعيش في الذهن ؛ بل كان موقفا وحركة في خط الثبات والاستقامة والوحدة ، فقد أنزل الله الدين على خلقه ليكون منطلق وحدة ، وحركة استقامة .. فلا بد من إقامته وتحويله إلى خطّ للسير ، ومنهج للعمل وعنوان للشخصية ، وهذا ما عبرت عنه الفقرة التالية ، التي جاءت بمثابة التفسير للوصايا الإلهية للأنبياء ، ولتلخيص الإرادة الإلهية التي تؤكد المعنى الحركي في داخلها.
(أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) وذلك بالالتزام به ، والانتماء له ، والسير على منهجه ، وتحويله إلى سلوك عمليّ في الحياة ، والوقوف عند ثوابته وجعلها منطلق وحدة وملتقى موقف ، لتصل الناس في كل مرحلة من مراحل النبوّات بخط النبوّة التي سبقتهم ، وينفتحوا على ما يأتي بعدهم من نبوّات ، إذا كانوا يحملون بعض الفكرة عنها ، فلا يتجمد الإبراهيميّون أمام الموسويين ، ولا يتجمد الموسويون أمام العيسويين ، ولا العيسويون أمام المسلمين ، لأن كل نبيّ يطرح مبادئ العقيدة والأخلاق العامة نفسها التي طرحها النبي الذي سبقه أو يليه ، بحيث لا يترك مجالا للتضاد في الانتماء إلى النبوات كي لا يتفرق المؤمنون بالله في أديانهم ، لأن الله قد وضع لطريق الإنسانية مراحل عدة ، كل رسالة فيها خطوة متقدمة على الطريق مما يجعل كل نبيّ يكمل ما بدأه النبي السابق.
* * *
الله يصطفي أنبياءه
(كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من الإيمان بتوحيد الله ورسوله ورسالته ، وما تشتمل عليه من التزامات أخلاقية في أنفسهم وأموالهم وعلاقاتهم ، ولكن ما قيمة هذا الموقف المتشنّج المعقّد من الأنبياء ، فلن يستطيع المشركون ـ مهما بلغوا من القوّة ـ أن يوقفوا خط الرسالات ، فإذا كان هؤلاء قد كفروا بها ، فإن هناك كثيرا ممن انفتحوا على الله وعلى رسله ، كما أن