عليه» (١). ولكن لا دليل على أن الكلام كله مسوق لذلك ، بل الظاهر أنه لون من ألوان تحديد الموقف وبيان طبيعة العلاقة التي تحكم الجميع في ما انتهى إليه أمرهم من النتائج الواقعية التي يقف فيها كل فريق في موقعه ، بعد استنفاد الوسائل التي تحدد الموقف ليواجه كل فريق خصوصياته التي تؤكد موقفه.
لكننا ذكرنا أن الأقرب هو ما استوحيناه من الآية ، بقرينة الفقرة التالية (اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) يوم القيامة ليحاسبنا على كل شيء. وهناك الموقف الذي تنطلق فيه الحجة لتؤكد نفسها أمام الله ، لأن ذلك هو موقع الحجة في حركة المسؤولية ، عند ما يقدم كل واحد منا حجته على صاحبه ، أو حجته على عمله ، أمام ربّه ، ليكون الله هو الحكم بيننا ، أو هو الحاكم علينا ، (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) الذي ينتهي إليه أمر العباد كلهم فيقفون ـ جميعا ـ أمامه ، فله الأمر والحكم في كل شيء ..
* * *
غضب الله يتنزل على الكافرين
(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) ويقدمون الحجج التي تنفي وجوده ، وتنكر توحيده (مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) دعوة الإيمان وانفتح عليها الكثير ممن دخلوا في دين الله ، على أساس وضوح البراهين الحقيقية الدالة على وجود الله وتوحيده مما يدحض كل حجة أخرى مضادّة (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ) أي باطلة وزائلة (عِنْدَ رَبِّهِمْ) لأنهم لم ينطلقوا من حجة مفتوحة على الحق في العمق والقوّة ، بل انطلقوا من الأهواء والانفعالات السطحية الخاضعة للشهوات ، (وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) لأنهم لم يأخذوا بأسباب رضى الله ، بل ساروا على خط غضبه فاستحقوا سخطه وعذابه.
* * *
__________________
(١) (م. ن) ، ج : ١٨ ، ص : ٣٤.