العقائد والأعمال فتحاسب عليه ويجزى بحسبه الجزاء يوم القيامة» (١). وقيل : إن «المراد به العدل ، وسمّي العدل ميزانا لأن الميزان آلة الإنصاف والتسوية بين الناس ، والعدل كذل»(٢).
ولكن الظاهر من السياق أن الله يتحدث عما يتحرك فيه الناس في حياتهم على مستوى النظرية والتطبيق .. وقد لا يكون من الظاهر ، أن يراد من الميزان أصول الدين وفروعه ، التي يتضمنها الكتاب مع الحديث عن الكتاب الذي لا يراد فيه إلا الكلمات بلحاظ المضمون ، وربما كان الحديث عن الميزان متناسبا مع الآيات التي تتحدث عن الكتاب والحكمة ، التي تمثل النهج العملي الذي يطابق فيه التحرك مقتضى الحال ، والله العالم.
وهكذا أنزل الله الكتاب والميزان للناس ، لتستقيم حياتهم على أساس رضى الله ، عند ما يأخذون بما وضعه لهم من نهج وشريعة طلبا لرضاه وتخلصا من عقابه .. ولكن مشكلة الناس أنهم يستغرقون في الحياة حتى يتخيلوا امتدادها إلى ما لا نهاية. ويستبعدون مجيء الساعة التي يواجهون فيها لحظة الحساب بين يدي الله ، أو ينكرونها ، ويسخرون من حديث النبي عنها ، وهذا ما أراد الله أن يثيره أمامهم في صورة الخطاب للنبي محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم كوسيلة من وسائل خطاب الأمّة ..
* * *
الله عنده علم الساعة
(وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) فإن الله ، سبحانه ، لم يعط علمها لأحد حتى لرسله وجعل احتمال حدوثها قائما بين ساعة وأخرى كي يترقبها الإنسان يوميا بما يفرض عليه الخوف منها والاستعداد لها.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٨ ، ص : ٣٨.
(٢) (م. ن) ، ج : ١٨ ، ص : ٣٩.