يتغلب عليها أحد.
* * *
حرث الاخرة وحرث الدنيا
(مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) بحيث تتحرك أعماله في الساحات التي يحب الله للإنسان أن يتحرك فيها ، وهي الأعمال الصالحة يبذرها الإنسان في الحياة كلها ، لتكون نتيجتها رضوان الله ونعيمه في الآخرة ، (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) فنضاعف له النتائج المترتبة على ذلك من ثواب الله كما جاء في بعض الآيات : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ١٦٠] وقوله تعالى : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٦١].
(وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا) وهو الزرع الذي يغطّي حاجات الدنيا من دون أن يوصله بأيّ رابط أخرويّ ، ولا يتصل بالقيم الروحية المنفتحة على الآخرة ، ولكن مدى أعماله في اللّذات والشهوات والأطماع مما تكون نتيجته محصورة في الجانب المادي في الدنيا ، (نُؤْتِهِ مِنْها) فينال ما يريده من ذلك لأن الله قد جعل للمسائل المادية مسبباتها في صعيد العمل الإنساني ، (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) لأنه لم يهتم في حياته العامة والخاصة بالآخرة ، ولم يلتفت إلى رضوان الله في حركة أعماله ، لذا فإنه لا يستحق من نعيم الآخرة شيئا ، لأن الله جعل الآخرة في نعيمها للأتقياء الذين عملوا لله ولما يحبه من القيم الروحية التي تتصل بأجوائها.
وهكذا نجد أن المسألة ، أوّلا وأخيرا ، تعود إلى الله تعالى وبالتالي على الإنسان أن يأخذ بالخط الإلهي في الشريعة ، ويرجع إليه في شؤون الحياة ، ويتطلع إلى رضوانه في كل شيء ، لأنه ـ وحده ـ الرب الذي يملك كل شؤون عباده المادية والمعنوية ، لذا فإن الانحراف عن خطّه إلى خطّ آخر ، والاعتماد