أراد لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يعلن للأمة عدم تطلعه إلى أي أجر خاصّ يطلبه لنفسه على الرسالة سواء أكان ماديا أم معنويا ، كما في قوله تعالى : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) [ص: ٨٦] وفي قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) [الأنعام : ٩٠] وفي قوله تعالى : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) [الفرقان : ٥٧] وغيرها من الآيات التي تتعلق بالأنبياء السابقين الذين كانوا يتحدثون إلى الناس من حولهم بهذه الطريقة .. وعلى ضوء هذا كان طلب المودة في القربى كأجر يطلبه النبي من الأمة ـ في هذه الآية ـ غير منسجم مع الأجواء العامة لتلك الآيات ، ولذلك حملها الكثيرون على الاستثناء المنقطع ليكون الحديث متصلا بشيء آخر لا يتعلق بالأجر ، ولكنه يمثل طلبا آخر لا علاقة له بالرسالة من ناحية العوض ، بل له علاقة بالنبيّ في اتجاه آخر. ولكنّ صاحب الميزان اعتبر الاستثناء متصلا ، على أساس أن المودة في القربى لا تمثل شأنا شخصيا من شؤون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بل تمثل شأنا من شؤون استجابة الدعوة ، إمّا باستجابة كلها ، أو استجابة بعضها الذي يهتمّ بها ، ممّا ينسجم مع اعتبار المودة من الأجر ويبقي على ظهور الاستثناء في الاتصال (١).
* * *
اختلاف المفسرين في معنى «(الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى»)
وعلى ضوء ذلك فلا بد من تحديد معنى المودة في القربى الذي اختلف فيه المفسرون على أقوال مختلفة ، وقد ذكر صاحب الميزان هذه الوجوه (٢) ومنها :
أولا : ـ ما ذهب إليه الجمهور ـ أن الخطاب لقريش والأجر المسؤول
__________________
(١) انظر : تفسير الميزان ، ج : ١٨ ، ص : ٤٣.
(٢) انظر : (م. ن) ، ج : ١٨ ، ص : ٤٣ ـ ٤٨.