أودعها فيهم ، وأراد لهم أن يتجاوزوا ذلك الضعف بجهدهم وجهادهم ، فإذا سقطوا تحت تأثير ضعفهم غفلة أو عنادا ، وعصوا الله ، وانحرفوا عن خط هداه ، فإنه يفتح لهم باب التوبة والعفو ، ليبدأوا رحلة التصحيح والاستقامة على طريق الحق ..
* * *
الإيمان والعمل عبادتان متلازمتان
(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قيل : إن «فاعل «يستجيب» ضمير راجع إليه تعالى و (الَّذِينَ آمَنُوا) إلخ في موضع المفعول بنزع الخافض» (١) ، أي يستجيب لهم ما يدعونه إليه في أي شكل كانت دعوتهم ، ولا سيّما العبادة التي هي مظهر من مظاهر الدعاء. وهناك احتمال آخر ، وهو أن تكون عبارة (الَّذِينَ آمَنُوا) فاعل يستجيب فيكون المعنى أنهم يستجيبون لله في ما يدعوهم إليه من العمل الصالح الذي يقربهم منه ويجعلهم في مواقع رضوانه (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) يزيد العاملين الصالحين من حسناته التي يضاعفها للمخلصين المتقين.
(وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) لأنهم لم يستجيبوا لله بطاعة أوامره ونواهيه ..
وتلك هي القضية التي تحكم الموقف الإلهي من سلوك الإنسان ، فليس بين الله وبين عباده أيّة علاقة خاصة تجلب لهم خيرا أو تدفع عنهم شرّا ، إلا الإيمان والعمل ، اللذان يؤكّدان القرب منه ، ويحققان العلاقة به .. ممّا يفرض على الإنسان الالتفات إلى ذلك في بناء المصير.
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٨ ، ص : ٥١.