عمران : ١٥٤] أو يغيّر النعمة ويكفر بها فيغيّر الله في حقه سنته فيعطيه ما يطغيه ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد : ١١]» (١).
وقد نلاحظ على ذلك أن هناك تداخلا بين سنّة الله في إيتاء الرزق وبين سنة الابتلاء والامتحان ، فإن الله سبحانه قد أجرى الرزق على أساس أن يكون التوزيع منطلقا في مواقع السعة والضيق لا من موقع ابتلاء الغني في غناه ، وابتلاء الفقير في فقره ، لأن الابتلاء لا يختص بحالة الثراء كما يوحي به كلام صاحب التفسير.
(إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) فهو المطّلع على شؤونهم بما يحقق مصالحهم في دنياهم وآخرتهم ، وهو الذي يبصر كل مواقعهم التي يخطط لهم في ما يريد أن يحققه لهم من الخير والرعاية والتوفيق.
* * *
الله ينشر رحمته ونعمه على عباده
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) فتحيا به الأرض ، وتتجمع في أعماقها الينابيع ، وتجري من خلالها الأنهار ، فيتبدل اليأس من الرزق إلى تفاؤل وأمل بخصوبة الأرض التي تعدهم بإنتاج وفير يغيث الناس في مشاكلهم الغذائية ، كما قد توحي به كلمة الغيث. (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) ويوزّع نعمه بين الناس ، عبر توزيع ما تنتجه الأرض من نبات وما تعطيه من ثمار يحتاجها الناس في حياتهم. (وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) الذي يبسط ولايته على عباده عبر مواقع حمده في حياتهم.
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فقد أبدع الله خلقهما وأتقنه ،
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٨ ، ص : ٥٦ ـ ٥٧.