(لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) لأن السخط الإلهي يعني الطرد من رحمة الله ، والسقوط في عذابه يمثّل سقوطا يحيط بالإنسان من الداخل والخارج ، فيحرق المشاعر التي تلتهب حزنا وألما ، ويأكل كل أحلام الإنسان وتطلعاته ، ويسحق عزته وكبرياءه ، ويحطّم إنسانيته التي يحترم بها نفسه. إنها الهول الذي يطبق على كل كيانه بكل قوّة ، وأيّ هول أعظم من مقت رب السماوات والأرض الذي خلق الإنسان ورزقه ، ما يجعل مقت الإنسان نفسه حيث يعيش فيه التمزق الداخلي ، شيئا بسيطا في حساب الأحاسيس والأفكار ، أمام مقت الله العظيم القادر القاهر ، في ما كان يعيشه الإنسان من تاريخه ، ويتحرك فيه الناس في حياتهم ، (إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) وتطيعون أنفسكم الأمارة بالسوء من دون حساب للحقيقة ، ومن دون نظر لمقام الله ، ولكل العواقب السيّئة المترتبة على ذلك.
* * *