(وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) في ما أمرهم به أو نهاهم عنه ، أو وجّههم إليه من مناهج الحياة ووسائلها ، فكانوا خاضعين له ، خاشعين لعظمته ، مستسلمين له في عمق الإحساس بالعبودية المطلقة ، أمام الألوهية المطلقة.
* * *
الشورى في الإسلام
(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) بما تمثله من إخلاص لله وانفتاح عليه ، وإحساس بحضوره في وجدان الإنسان بحيث يخاطبه ويحادثه ويناجيه ، كما لو كان يراه ، (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) لا يستبدّ أحد برأيه ، بل يعتبر التشاور مع الآخرين منهجا عمليا للوصول إلى الحقيقة في ما يصلح أمره وأمور الحياة من حوله .. ولا يستبد الحاكم بقراره بل يعمل على الرجوع إلى أهل الرأي والخبرة والأمانة ليستمع إلى آرائهم في كل أمر من الأمور العامة ، ليزداد بصيرة في ذلك مما يجعل من احتمال الخطأ لديه احتمالا بعيدا ثم يكون الرأي له. والشورى خط إسلامي يشمل كل مواقع الساحة الفكرية والعملية في المجتمع الإسلامي ، بحيث يكون أمر المسلمين خاضعا للشورى التي تفتح أمامهم آفاقا واسعة للتعرف على المصلحة والمفسدة من خلال الآراء المتنوّعة التي تقدمها حركة الصراع بين الأفكار وتصادم العقول ، والتلاقح بينها .. وقد ورد في بعض الكلمات المأثورة «من شاور الرجال شاركها في عقولها».
ويمكننا استيحاء هذا المنهج في كل مواقع المسؤولية حتى في المواقع التي لم يكن قرارها بيد الناس ، بل كان بيد الله ، كما في النبوّة ، أو في الإمامة ، في رأي الشيعة الإمامية ، فيما كان أمر التعيين بيد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأمر من الله .. كما جاء في قوله تعالى في خطابه للنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في القرآن (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) [آل عمران : ١٥٩]. وقد كثرت الأحاديث عن الأئمة من أهل البيت في التأكيد على الشورى وفي أن «من استبد برأيه هلك ، ومن شاور