الرجال شاركها في عقولها» (١) وفي ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم «ما من رجل يشاور أحدا إلّا هدي إلى الرشد». مما يوحي بأن الشورى تمثل خط السلامة في حركة المجتمع الإسلامي على مستوى القيادة والقاعدة. وفي ضوء ذلك قد نستفيد من هذا النهج ، أن وجوب إطاعة أولي الأمر ، لا تمنع من توجيههم إلى الأخذ بالشورى في إصدار قرارهم .. بل قد يمثل استبداد غير المعصوم في رأيه ، انحرافا عن الموقع الشرعي الذي يقف فيه ، ويكون كافيا لعزله ، عند ما يتخذ قراراته بغير علم إذا لم يكن من أهل الخبرة في موضوع القرار ، أو إذا لم تكن خبرته كافية للوصول إلى وضوح الرؤية فيه.
وربما كان للمتأمل في القرآن أن يستوحي من الآية ، أنّ الشورى هي القاعدة في كل أمر من أمور المسلمين ، إلا إذا ثبت التعيين من دليل خاص ، لأن كلمة (وَأَمْرُهُمْ) وإن لم يكن لها عموم أو إطلاق ، في ما يناقش فيه البعض ، إلا أن ظهورها في العنوان الذي يمثل الوضع الإسلامي من ناحية المبدأ ، قد يوحي بالعموم من هذه الجهة ، والله العالم.
* * *
الإنفاق وروحية العطاء
(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) لأن الإنفاق يمثل روحية العطاء التي حوّلها الإسلام إلى عبادة في مواضع الحقوق الشرعية كالزكاة والخمس والصدقة ، وأراد أن يكون الإتيان به بقصد القربة وهي عنوان العبادة في الصلاة والصوم والحج.
وإذا كان الإنفاق سمة المجتمع الإسلامي الإيماني ، فإن ذلك يوحي بتبنيه مبدأ التكامل الاجتماعي ، الذي يجعل كل فرد من المجتمع مسئولا عن كفالة فرد آخر في ما يحتاج إليه في حياته من موقع الحق ، لا من موقع
__________________
(١) ابن أبي طالب ، الامام علي (ع) ، نهج البلاغة ، ضبط نصه د. صبحي الصالح ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ـ لبنان ، ط : ٢ ، ١٩٨٢ م ، قصار الحكم : ١٦١ ، ص : ٥٠٠.