التبرّع .. إضافة إلى أن القيادة الإسلامية للمجتمع تقوم بتكفل كل ذوي الحاجات الصعبة من موقع المسؤولية. وهو أمر تناولته النصوص الدينية التي تحدثت عن مسألة الإنفاق في حياة الناس العامة.
وقد لا يقتصر الأمر على الإنفاق على المحرومين من الناس ، بل يمتد الأمر إلى كل سبيل من سبل الله ، وكل طاعة من طاعاته مما تحتاجه الدعوة ، ويفرضه الجهاد في سبيل الله.
* * *
عنوان الانتصار في الظلم
(وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ) من القوى الطاغية المستكبرة التي تريد تحدي حريتهم ومصادرة قرارهم ، والسيطرة على مقدراتهم ، والضغط على أفكارهم ، ليصبحوا مجرّد أتباع لها ، خاضعين لتعاليمها وأوامرها ونواهيها ، فلا يملكون معها إرادة ، ولا يستطيعون الاستقلال في مصيرهم (هُمْ يَنْتَصِرُونَ) فلا يخلدون إلى الضعف ويجعلونه مبرّرا لانحرافهم وسقوطهم في أوحال الذل ، بل يعملون على صناعة قوتهم وتحريكها لمواجهة الطغاة المستكبرين ، ليهزموا قوّتهم ، ويسقطوا كبرياءهم لتكون القوّة للمؤمنين ، والضعف للكافرين ، وليكون الدين كله لله ، في ما يمثله موقف المتدينين من العزّة والحرية والقوّة.
وقد يتصور البعض أن هناك نوعا من التنافي بين هذه الآية والآية السابقة التي تتحدث عن المغفرة عند الغضب ، ولكن الظاهر أن تلك الآية تحدثت عن الانفعال الذي لا يسيطر على المؤمن ، بل يترك مجالا للتفكير بالعفو الذي قد يكون الموقف الصحيح الملائم للمصلحة. أمّا هذه الآية ، فتتحدث عن ساحة الصراع التي يقف فيها المؤمنون أمام الباغين الذين يريدون إسقاط الساحة الإيمانية تحت ضغط البغي الكافر أو الظالم ، مما يجعل من مسألة الانتصار ، انتصارا لله ولرسوله وللإيمان .. لا حالة ذاتية تتصل بالمعنى الأخلاقي للسلوك