يريده من نصرة مواليه ، فالله هو وحده ، الذي يملك القوة المطلقة ، فلا قوّة إلا له ، ولا قوّة لأحد إلا منه (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) فيتركه لنفسه ، بعد اختياره للكفر والضلال ، ويهمل أمره فلا يمنحه الهداية بعد ذلك (فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) إلى السعادة التي يسهّل الله الطريق إليها من خلال هدايته ، في فطرة الإنسان ووجدانه ، وفي وحيه الذي أنزله إليه ليخرجه من الظلمات إلى النور ، وفي ألطافه التي يفيض بها عليه.
* * *
لا مهرب من الله
(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ) هذا هو الخط الإلهيّ الحاسم الذي يدعو الله فيه عباده ليستجيبوا لدعوته في الأخذ بوحيه كمنهج لهم في الحياة ، وكدستور لما يفعلونه أو لما يتركونه ، مما يصلح حياتهم أو يفسدها ، وليتبعوا رسله في تحريك الموقف في تنظيم شؤونهم العامة والخاصة ، وتتحرك الدعوة لتطلب منهم الإسراع قبل فوات الأوان عند ما يأتي يوم القيامة الذي لا مجال لردّه ، لأنه آت لا ريب فيه.
(ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ) فلا مهرب من الله ، ولا ملاذ يمكنكم اللجوء إليه لأن الكون كله له ، ولا حجة يمكن أن تخلصكم من العذاب ، لأنكم لا تملكون أي مبرر لعدم الاستجابة لدعوة الله. (وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) في ما تحاولون فيه إنكار ما قدّمت أيديكم من أعمال ، لأن الأمر واضح لا ريب فيه.
(فَإِنْ أَعْرَضُوا) ولم يستجيبوا لنداء الله من خلال النداء الذي توجهه إليهم ، (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) فلست مسئولا عن ذلك بطريقة ضاغطة فوق العادة ، لأن دورك الرسالي هو التبليغ بكل الأساليب التي تقودهم إلى الاقتناع بالإيمان ، إذا أقبلوا على الدعوة بعقولهم وقلوبهم.
(إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) فهذا هو الدور الذي ينبغي للأنبياء أن يقوموا به ،