فإذا أدّوه قاموا بواجبهم الطبيعيّ الذي أوكل الله إليهم أمره.
* * *
(فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ)
(وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً) في ما نرزقه من صحة وبنين وقوّة وغير ذلك من النعم ، فإنّ ردّ فعله هو الاستغراق في النعمة ، والانشغال بها عن التفكير في الله المنعم الذي أغدقها عليه ، فإذا جاءته نعمة (فَرِحَ بِها) فرح البطر والزهو والخيلاء. (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) في ما يعرض عليهم من أصناف البلاء كالمرض والخوف والجوع والفقر ونحو ذلك ، (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من الأعمال السيّئة التي تفسد البلاد والعباد ، وتؤدي إلى النتائج السلبية ، على أساس السنن الحتمية التي أودعها الله في الكون في علاقة المسببات بأسبابها (فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) ينسى نعمة الله ، فلا يذكر فضله عليه في الماضي ، ويستغرق في إحساسه بالألم ويبدأ بالشكوى والتمرّد ويغفل عن طبيعة الصلة بين عمله والبلاء ، ليعرف أن خلاصه بيده والرجوع إلى الله ، والتراجع عن موقع الخطأ.
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يخلق ما يشاء ، فلا بدّ للناس من أن يرجعوا إليه في ما يحبون وفي ما يشتهون ، لأن الأمر كله له لارتباط كل شيء بمشيئته وإرادته.
(يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) فهو الذي يحرّك التنوع من خلال حكمته في حركة الحياة الإنسانية في الأرض ، (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) بحيث يجمع الذكور والإناث لبعضهم ، (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) لا يولد له ولد من كلا الصنفين. (إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) يعلم ما يصلح خلقه ، ويقدر على أن يبدع الأشياء طوع إرادته.
* * *