حديث أهل النار مع الله تعالى
هذا حديث أهل النار الذين يتوسلون إلى الله أن يخرجهم من هذا المأزق الذي وضعوا فيه أنفسهم بكفرهم وعنادهم ، وردّ عليهم بأنه لا مجال لذلك ، وأن الأمر لله الذي يملك الأمر كله ، ويرجع إليه الخلق في كل شيء. (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) فقد كانت هناك حالتان من الموت وحالتان من الحياة ، واختلف المفسرون في تحديد هاتين الإماتتين ، وهذين الإحياءين .. فذهب بعضهم إلى أن الموتة الأولى هي التي تسبق وجود الإنسان ، والموتة الثانية هي التي تأتي بعد وجوده ، لتكون الحياة الأولى ، هي الحياة في الدنيا ، أمّا الحياة الثانية فهي حياة الإنسان بعد البعث في الدار الآخرة.
* * *
ما المراد بالموتتين والإحياءين؟
وذهب بعضهم إلى أن الموتة الأولى ، هي الإماتة عن الحياة الدنيا ، والإحياء للبرزخ ، ثم الإماتة عن البرزخ والإحياء للحساب يوم القيامة ، وقد ذكر هذا البعض أن هؤلاء «لم يتعرضوا للحياة الدنيا ولم يقولوا : وأحييتنا ثلاثا وإن كانت إحياء ، لكونها واقعة بعد الموت الذي هو حال عدم ولوج الروح ، لأن مرادهم ذكر الإحياء الذي هو سبب الإيقان بالمعاد وهو الإحياء في البرزخ ثم في القيامة ، وأما الحياة الدنيوية فإنها وإن كانت إحياء ، لكنها لا توجب بنفسها يقينا بالمعاد ، فقد كانوا مرتابين في المعاد ، وهم أحياء في الدنيا» (١).
ولعل الأقرب إلى الذهن من خلال بعض الآيات القرآنية هو المعنى الأول ، فقد جاء في قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ
__________________
(١) الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١ ، ١٤١١ ه ـ ١٩٩١ م ، ج : ١٧ ، ص : ٣١٤.