الذكر حجة على العباد
(أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) أي هل نهملكم فلا توجّه إليكم القرآن إعراضا عنكم ، لأنكم أسرفتم وتجاوزتم الحدّ في الكفر والضلال ، وقد جاء السؤال على سبيل الإنكار ، فإن الله لا يهمل عباده ، بل يقيم عليهم الحجة التي تفتح قلوبهم على الحق ، ويقرّب إليهم كل وسائله ، ويقودهم إلى هداه.
(وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ) الذين أسرفوا في كفرهم ، كما أسرفتم ، وضلوا كما ضللتم ، لنفتح لهم النوافذ على حقائق العقيدة والحياة وعلى المنهج الأمثل.
(وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) فلا يواجهونه بالتفكير بما جاء به وبإرادة الحوار حوله ، كما يفعل العقلاء الواعون المنفتحون على آفاق الحقيقة ، بل يواجهونهم بالسخرية والاستهزاء كما يفعل العابثون.
(فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً) فلم تمنعنا قوّتهم وبطشهم بالآخرين وسيطرتهم على من حولهم من إهلاكهم وإنزال العذاب بهم (وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) في ما نريد إثارته ليكون نموذجا للأمم القادمة التي تتحرك في أجواء الإسراف العقيدي والعملي ..
وهذا ما دأب القرآن على إثارته في القصص لدى حديثه عن الكافرين السابقين.
* * *