البساطة بكل معانيها والوحدة بكل أبعادها ، والغنى بكل مجالاته ، ولكن سيطرة التخلّف على العقل توحي له بتصورات لا أساس فكريا لها عند ما يقيس الله بخلقه وينسب إليه ما ينسب إليهم.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل نسبوا إلى الله البنات ، فقالوا إن الملائكة بنات الله ، بينما يرون للبنين قيمة وميزة وشرفا لا يرونه للبنات ، فكيف اتفق لهم ـ من خلال مفهومهم هذا ـ الوصول بتفكيرهم إلى أن ينسبوا لله ما هو دون القيمة المثلى ـ بقطع النظر عما إذا كان ذلك صحيحا أو غير صحيح ـ مع أن التصور الدقيق لله الذين يعتقدون ألوهيته وسيطرته على الكون عبر خلقه له ، وتدبير نظامه ، يفرض أن يكون المثل الأعلى والقيمة الكبرى.
(أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) كما تقولون (وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ) فأخلصهم لكم في ما تريدونه لأنفسكم ، فكيف اعتقدتم بأن لله البنات ، وهو لديكم عيب وعار كما تشير إلى ذلك الآية التالية.
* * *
قيمة المرأة في الجاهلية
(وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً) في ما نسبه إليه من اعتبار الملائكة إناثا (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) جراء ما يحس به من غم وهمّ وكرب بسبب القيمة المنحطّة للأنثى في نظره ، فهي قد تجلب الذلّ والعار لوليها في حياته في المستقبل فيتجمع الغيظ في صدره ، وهو غيظ لا يملكون رده في الواقع.
(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) أي في الزينة التي تربّى الأنثى على اعتبارها القيمة التي تحملها في وعيها الفكري ، فينحصر طموحها الذاتي ، في دائرة التزين وتحصيل الجمال الجسدي لا العقلي والروحي.