اللّاتي يملكن القوّة في الجدل ، والشدّة في الدفاع ، والإرادة الحديديّة في مواجهة التحديات .. مما يبعد الضعف عن أن يكون من لوازم شخصية المرأة ، ويقرّبه من أن يكون من مقتضيات التربية التي تنمي نقاط ضعفها الغريزية وتهمل تنمية نقاط القوّة فيها ، في الوقت الذي لا ننكر فيه قوّة الجانب العاطفي فيها ، ولكن لا بالمستوى الذي يلغي إمكانية التنمية الفكرية والعملية للجانب العقلاني لديها. وفي ضوء ذلك يمكننا أن نفهم أن الآية توجه النظر إلى الواقع الذي تعيشه المرأة ، مما يخلق الانطباع السلبيّ عنها في نظر المجتمع ويثير التساؤل حول المبرّر لنسبة البنات إلى الله في ظل هذا المفهوم لديهم.
* * *
أشهدوا خلق الملائكة؟!
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ) وهي صفة يتصف بها الملائكة كما يتصف بها غيرهم من عباده من الجن والإنس ، من دون أن ترتفع بهم خصوصياتهم عن هذا المستوى ، فإن خصوصياتهم قد تجعل لهم بعض الميزة عن غيرهم ، ولكنها تبقى في دائرة التنوع والتفاضل بين عباد الله ، ولا تقترب من خصوصيات الألوهية لتجعل المخلوق قريبا إلى الله ، بالمعنى النسبي أو ما يشبه ذلك ، كما يتصور هؤلاء الذين دفعتهم خيالاتهم في تصورهم ملائكة أن يجعلوهم (إِناثاً) من دون دليل حسّيّ على ذلك (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) حتى يكون حضور خلقهم هناك مبرّرا لادعاء كونهم إناثا باعتبار إمكانية اطلاعهم الحسيّ على جنسهم في تلك الحال ، (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ) في ما يكتبه الله من كلام عباده في ما يعتقدون وفي ما يقولون ، وفي ما يعملون (وَيُسْئَلُونَ) عن صحة ما شهدوا به ، ولن يستطيعوا أن يدافعوا عن ذلك ، لأنهم لم يكونوا عند خلق الملائكة ، ولم يملكوا موقعا خاصا للمعرفة يميزهم عن الآخرين ، مما