أن يسيء ذلك إلى مقام الله في جلال قدرته وسيطرته على الوجود كله .. وهذا ما يطلق عليه العلماء الخلط بين الإرادة التكوينية التي لا تتخلف عن المراد ، وبين الإرادة التشريعية التي توحي بما يريده الله .. في ما يحب للإنسان أن يقوم به في دائرة حرية الإرادة.
وبذلك كانت كلمتهم هذه منطلقة من منطق الجهل (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) ويركزون أمورهم على أساس التخمين والحدس غير المبنيّ على قاعدة من فكر أو علم.
(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ) مما أنزلناه على الناس من الوحي الذي يحدّد لهم حقائق الأمور ، ليكون حجّة لهم على ما يعتقدونه أو يحرّكونه في انتماءاتهم (فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ) كأساس فكريّ أو شرعيّ لذلك ..
* * *
منطق المترفين في تقليد الاباء
وهكذا يريد القرآن أن يحدّد للإنسان أسس المعرفة ، من الحضور الحسي ، أمام الأشياء أو المصادر الإلهية ، أو المعادلات العقلية القطعية .. ولكن هؤلاء الكافرين أو المشركين لا يرجعون إلى شيء من ذلك (بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) أي على طريقة معينة في التفكير والعبادة (وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) فهذا هو السبيل الذي نقتفيه للوصول إلى الحقيقة فنهجنا امتداد لنهجهم ، لأن ذلك هو الامتداد التاريخي للعائلة أو العشيرة ، في ما يلتزم الأبناء بعقائد الآباء وعاداتهم وتقاليدهم من موقع الثقة والإخلاص والانتماء.
وهذا هو المنهج الذي يمنع التغيير والتطور والتصحيح لأخطاء الماضي ،