الأمور بعقل واع.
* * *
بئس قرين الغافلين
(حَتَّى إِذا جاءَنا) ووقف في موقف الحساب حيث يواجه الإنسان نتائج المسؤولية أمام الله ، ووجد قرينه هناك ، ورأى كيف قاده إلى هذا المصير المظلم الذي حمل إليه غضب الله ، وأودى به إلى عذابه في نار جهنم ، (قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) فهو لا يطيق رؤيته لأنه يذكّره بنقاط الضعف الكامنة فيه والتي حركها هذا القرين ووجّهها في اتجاه الكفر والضلال فأدّى به إلى هذا الموقف. ويمتلئ الضال حقدا وثورة على قرينه ، حتى يكاد يدمّره ـ لو كان له إلى ذلك سبيل ـ باعتباره الشخص الذي أضلّه عن الذكر بعد إذ جاءه ، ومنعه عن اتّباع الرسول في ما يؤدّي به عن الله (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) الذي لا يقود صاحبه إلى الخير والنجاة ، بل يقوده إلى الشر والهلاك في النار.
* * *
لا نفع للحسرات اليوم
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ) أي يوم القيامة (إِذْ ظَلَمْتُمْ) أنفسكم بالكفر والضلال نتيجة استسلامكم لقرناء السوء واتّباعكم لهم في أفكارهم وأوضاعهم الباطلة (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) فأنتم وهم سواء في العذاب ، مما قد يشعركم بالرضى لأنهم يتحملون مسئولية ضلالكم ، فهم ليسوا بمنأى عن النتائج السلبية في الآخرة ، كما كانوا في الدنيا يهربون من مسئوليتكم عند ما تقعون في المشاكل الصعبة ويتركونكم وحدكم لتحمّل آثارها السيّئة. ولكن ذلك لا يغيّر من واقعكم الصعب شيئا ، لأن تحمّلهم للعذاب معكم لن يرفعه عنكم ، بل إنكم تشاركونهم فيه ، لأنكم تتحمّلون جزءا كبيرا من مسئولية الكفر والضلال الذي عشتموه لما منحكم الله من عقول تدفعكم إلى التفكير ، ومن وحي أنزله على رسله فحملوه إليكم ليدلّوكم على الطريق.
* * *