(أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ)
وتتوالى الآيات التي تنذر وتذكر وتتوعد وتلامس القلب والشعور بطريقة توحي بالصدمة ، وتجعل الإنسان يقف حائرا وحده ، يلتفت ذات اليمين وذات الشمال ، فلا يرى أحدا ينجده ، ولا وليا ينصره .. فليس هناك إلا الله ، وحده ، هو الذي يملك المصير كله.
(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) أي يوم القيامة القريبة الدانية التي يرونها بعيدة ونراها قريبة ، لأنها آتية لا ريب فيها ، وحدّثهم عن أهوالها (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) وذلك كما لو كانت القلوب تقفز من مقرّها وتبلغ الحناجر من شدّة الخوف ، وهم يعيشون الغمّ الشديد الذي يحتبس في نفوسهم فلا يملكون أن يخرجوه أو ينفّسوا عنه بالتعبير عن أحاسيسهم ومشاعرهم الدفينة (ما لِلظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية (مِنْ حَمِيمٍ) حيث لا صديق يشاركهم مشاعرهم ، (وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) فيستمع إلى شفاعته ، لأن الشفاعة لله وحده الذي (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) فيرصد النظرة الخائنة التي تتلصص وتتجسس وتخون مشاعر العفة في الإنسان ، مما لا يطلع عليه أحد (وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) في ما تختزنه الصدور من أسرار وخفايا ، وفي ما تخفيه المشاعر من عواطف وانفعالات .. مما لا يستطيع الناس اكتشافه إلّا بوسائل خاصة ، ولكن الله يعلمه بعلمه الذي لا يخفى عليه شيء.
* * *
القضاء لله
(وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) لأنه يملك الفصل بين الناس يوم القيامة بالحق