الذي يمنح كل واحد حقه على مقتضى عدله (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) لأنهم لا يملكون أيّة سلطة تسمح لهم بالقضاء ، أو أيّ موقع يفسح لهم مجال ذلك لأنهم مملوكون لله ، لا يملكون إلّا ما ملّكهم من أمورهم أو أمور الآخرين. وربما كانت الآية توحي بالمعنى الشامل الذي يتحدث عن قضاء الله في حكمه وتدبيره للخلق من الناحية التكوينية والتشريعية (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الذي يحيط بكل المسموعات والمبصرات إحاطة ذاتية من موقع علمه المطلق بالأشياء.
* * *
لا واقي من الأخذ الإلهي
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم السابقة و (كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ) أي من هؤلاء المشركين المكذبين بالله ورسوله ورسالته (قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) في ما يملكونه من القوّة الجسدية والمالية والمعنوية ، ومن الطاقات التي يبنون فيها المدائن الحصينة والقلاع المنيعة والقصور العالية ، (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) في ما كانوا يعيشون فيه من طغيان وتعسف وكفر وشرك وجحود وعصيان (وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) فليس هناك في الكون كله من يستطيع أن يقي الناس من الله (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا) فهذا هو الأساس في الأخذ الإلهيّ ، (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) أخذ عزيز مقتدر ، (إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ) فليفكر الجاحدون المتمردون بقوّته وشدته في العقاب ، لتتوازن خطواتهم في خط التقوى ، ولتتجه إلى الصراط المستقيم.
* * *