نتائج عمله ، لاستغراقه في الأنانية والكبرياء اللتين تبعدانه عن التفكير في الواقع بموضوعية وفي النتائج بمسؤولية ، وتلك هي مشكلة الاستكبار التي تمنع الإنسان من الإيمان بيوم الحساب.
ومن خلال ما ذكرناه ، فإننا نلاحظ أن موسى لم يقل هذا الكلام من موقع ضعف ، بل حاول التأثير على نفسياتهم ومواقفهم عبر الإيحاء بأن الله الذي هو ربّه وربّهم يدعم موقفه ، ليبطل تأثير كلام فرعون في نفوسهم ، وليبعث الخوف في نفس فرعون بالذات ، كردّ على كلامه في مواجهة موقع موسى عند ما قال : (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ).
* * *
مؤمن آل فرعون : نموذج إنسانيّ إيمانيّ
(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) .. وهذا نموذج إنسانيّ إيماني ، يريد القرآن أن يقدمه لنا عبر ما يمثله من مواقف في تاريخ العقيدة الإلهيّة وحركة الأنبياء وتأثيرها في حياة مجتمعاتهم الكافرة والضالّة ، ويضعه في مستوى الظاهرة البارزة بسبب الموقف الرائع الذي اتخذه في عملية التحدي.
فليس من المستبعد أن ينشأ إنسان مؤمن في مجتمع الكفر بصورة عامّة ، ولكنّ من المستبعد جدّا أن يكون هذا الإنسان المؤمن جزءا من الجهاز الحاكم الذي يرعى حركة الكفر وينمّيها ، ويحارب كل من يعارضها أو يقف في وجهها باعتبار أن الكفر هو مصدر امتيازات الحكم التي حصل عليها ، وبالتالي فإن سيادة الإيمان في المجتمع تفقده قداسة الشخصية وقداسة المركز ، وهو أمر نلاحظه في وضعيّة فرعون بالنسبة لمجتمعه ، فهو كان يحكم المجتمع من موقع شعور الناس بقداسته ، لأنه يجسّد الألوهية أو يحمل جزءا منها ، يبرّر