عليهم من أعمال وعبادات أو ممارسات فرديّة ، لأنّ ذلك هو سبيل النجاة في الآخرة .. أمّا الأعمال التي تعرّض الإنسان للخطر ، بفعل واقع المواجهة القويّة للتحديات الفكرية والاجتماعية والعسكرية ، فليس مما تفرضه عليهم مسئولية الإيمان ، فإن لتلك الأعمال أهلها وأصحابها.
أمّا هذا المؤمن فلم يكتف بهذا الجانب ، بل اعتبر الإيمان مسئولية المؤمن ، لارتباطه بقضية الخلاص الشخصي في الدنيا والآخرة ، وعلاقته بخلاص الآخرين ، لأن من طبيعة الإيمان أن يعيش المؤمن ـ في نفسه ـ حركة الرسالة وامتدادها في حساب المسؤولية التي تحوّل كل المؤمنين إلى رسل صغار ، بحسب طاقتهم وقدرتهم ، كما تحوّل الأقوال والأفعال إلى رسالات تتحرك في أكثر من اتجاه لتلتقي ـ بعد ذلك ـ في نطاق الهدف الواحد الكبير ، وهو سعادة الإنسان في ظلّ شريعة الله ورسالته.
* * *
سبب كتمه لإيمانه
.. وكان يكتم إيمانه ، لا بسبب الخوف ، فقد كان ، في ما يبدو ، يملك الموقع القويّ الذي يكفل له الحماية من قومه ، ولكن كي يحصل على حرية الحركة في خدمة الرسالة من خلال الإيحاء بالحياد والاعتدال ، إزاء واقع التطرّف المتمثل في موقف فرعون المتوتر والحاقد ضد الرسالة والرسول ... فقد بدأ العمل على تفشيل مخططات فرعون ضد موسى بهدوء ، من خلال نثر الكلمات التي توحي بالتفكير وتبعث على اليقظة ، هنا وهناك ، مع هذا الشخص أو ذاك ، ولدى هذه المجموعة أو تلك ، حتى نستطيع أن نرجع إلى تأثيره في موقف فرعون الخائف الذي كان يستجدي تأييد أتباعه لاتخاذ موقف شديد ضدّ موسى ، ولكنه لم يحصل على شيء من ذلك ، فقد يظهر لنا ، من خلال دراستنا للحوار الذي كان يديره مع قومه ، أنه كان يعمل على تفريغ القوّة