لَأَظُنُّهُ كاذِباً) لأنه لم يظهر لأحد من الناس ، وهو أمر لا يستطيع أن يصدّقه أحد ، لأنه لا معنى لوجود إله عير مرئيّ ، وهكذا حاول فرعون الإيحاء لمن حوله بالقوّة الكبيرة التي ينازع بها إله السماوات والأرض (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ) في ما وجده حوله من خضوع الناس له وتزلّفهم إليه بإعلان قبولهم لدعواه الربوبية وهو خضوع وتزلف يبعثان في نفوس الطغاة الشجاعة للاستعلاء على الناس (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) القويم الذي يصل بالإنسان إلى معرفة الله والعمل بطاعته والخضوع لإرادته في الحياة (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) أي هلاك وانقطاع ، لأنه يسير في الطريق الخطأ الذي يؤدي إلى النتائج السلبية التي تربك كل مخططاته ضد الحق وأهله فإن الله له بالمرصاد ..
* * *
المؤمن يستخدم أسلوب الوعظ
ولكن مؤمن آل فرعون ، واقف لفرعون بالمرصاد ، يتابع كلماته ويرصد تأثيره على الناس ، ليخفف من ذاك التأثير أو يبطله ، فنراه ـ في هذا الموقف ـ يرفع صوته من جديد ، بأسلوب زاخر بالمرارة والعاطفة ، ومملوء بالموعظة والنصيحة ، يبصّر قومه بالحياة وفنائها والآخرة وخلودها ، ثم يحدّد لهم طبيعة المسؤولية ونتائجها ، فكل إنسان يتحمل مسئولية عمله ، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ ولن يتحمل أيّ شخص مسئولية شخص آخر ، ولذا فإن عليهم أن يواجهوا مسئوليتهم بأنفسهم لأن فرعون لن يستطيع أن يدفع عنهم أيّ شيء.
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) ولا تتبعوا فرعون الذي يريد أن يقودكم إلى طريق الغيّ والفساد ، ليستغلكم في ما يحقق أطماعه ويوصله إلى غاياته الاستكبارية في التجبر والبغي في الأرض بغير الحق ثم ينتهي أمره إلى الفناء ، فلا تحصلون منه على شيء لأنكم ستموتون معه أو