في سبيله دون أيّة نتيجة طيبة .. أما أنا ، فليست لدي أيّة غاية ذاتية ، بل كل هدفي إعطاء نظرتكم إلى الحياة امتدادها الفعلي ، لتروا أن حياتنا هذه ليست نهاية المطاف ، فهناك حياة أخرى تواجهون بها نتائج المسؤولية تبعا لحركة المسؤولية في الدنيا في نطاقها السلبي أو الإيجابي.
(يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) زائل يحمله الإنسان مدة ثم يفارقه (وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) التي يخلد الإنسان فيها في نعيم دائم أو عذاب خالد. و (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) فذلك هو الجزاء العادل الذي يضع العقوبة في حجم الجريمة ، (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) فلا فرق في قيمة العمل بين إنسان وآخر ذكرا كان أو أنثى ، لأن الأنوثة والذكورة لا تمنحان طبيعة العمل أيّة ميزة ، فقد يكون عمل المرأة أفضل من عمل الرجل أو العكس وقد يتساوى عملهما في القيمة ، (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) لأن الإيمان هو المضمون الروحي الذي يميّز روحية العمل ، ويمنحه معنى يتصل بالله بدلا من أن يبقى جامدا في مضمونه المادي الذي يتصل بالأرض ، (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) لأن عطاء الله للعاملين في سبيله المتقربين إليه ، لا حدود له ، فهو الكريم الذي لا يقف كرمه عند حد.
* * *
يا قوم تعالوا إلى الإيمان فتنجوا ...
وهنا نلمح حدوث تجاذب وصراع بينه وبينهم ، فقد حاولوا في ما يبدو منعه من الانطلاق بعيدا في هذا الاتجاه ، وجرّه إلى حياتهم وملذاتهم وشهواتهم ، ولكنه ظل صامدا في موقفه ، يشرح لهم الفارق بين دعوته ودعوتهم ، فهو يدعوهم إلى الجنة وإلى السعادة ، وإلى النجاة في الدنيا والآخرة .. أمّا هم ، فإنهم يدعونه إلى السير مع شخص لا يشكّل الارتباط به