من ذنوب وجرائم ، سواء كان ذلك متمثلا في ضلالنا أو إضلالنا لكم ، أو كان متمثلا في ضلالكم بالخضوع لنا ، وأنتم قادرون على التمرد علينا ، لأنكم تستطيعون الحصول على القوّة ولكنكم فضلتم الراحة والاسترخاء ، على المواجهة والمعاناة ، فأسقطتم إرادتكم تحت تأثير إرادتنا ، فلا تطلبوا منا أيّة مساعدة لتخفيف العقاب عنكم ، لأنكم تعرفون أننا لا نملك من ذلك شيئا ، فكلنا محكومون (إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) ولا رادّ لحكمه ، وهو الحكم العدل.
* * *
بين أهل النار وخزنتها
وينتهي حوار المستضعفين مع المستكبرين .. وينتقل الجميع الذين وجدوا أنفسهم في قلب المشكلة من دون أن يغني أحد منهم عن الآخر شيئا ، ليقفوا في موقف آخر ، وليتجهوا إلى المشرفين على شؤون النار طالبين الوساطة ، تماما ، كما كانوا ـ في الدنيا ـ يتوجهون إلى المقرّبين من الملوك ، ليشفعوا لهم عندهم : (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ) فإن دعاءكم مقبول لديه ، لأنكم من المقرّبين عنده ، (يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) ، نرتاح فيه ، ونتخفف من قسوة الآلام التي تنهش أجسادنا والحروق التي تلسع كل أعصابنا.
(قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ) وكنتم ممن قامت عليه الحجة بالبلاغ ، فلم تكن هناك أيّة موانع تمنعكم عن الإيمان ، لا من الناحية الداخلية في مضمون الرسالة ، ولا من الناحية الخارجية في الرسول الذي حملها ، وفي الجوّ الذي عاشته الدعوة في الأسلوب والحركة؟! (قالُوا بَلى) فقد واجهنا الحقيقة بكل وضوح ، ولكننا وقفنا منها ومن رسولها موقفا مضادّا نتيجة العناد والاستكبار ، (قالُوا فَادْعُوا) لأننا لا نملك أن ندعو الله في أمركم