باطلا» (١).
* * *
(فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)
(ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) الذين يحسبون أن استكبارهم ، في ما يختزنونه من مشاعر داخل نفوسهم ، وما يتحركون فيه من مظاهر أمام الناس ، يمكن أن يمنحهم حجما حقيقيّا في مستوى ما يريدونه ، أو ما يعاملهم الناس به ، فيحقق لهم امتيازات تتيح لهم النجاة في الآخرة ، والسعادة في الحياة .. ولكنهم كانوا يعيشون في وهم كبير ، وغفلة مطبقة ، ذلك أن حجمهم الاجتماعي الفخم لم يكن ناشئا من ضخامة حقيقية في الذات ، بل من انتفاخ طارئ فيها مصدره وهم العظمة الذاتية ، وضعف الآخرين من حولهم. لذا فإنهم يرجعون في الدار الآخرة ، إلى حجمهم الطبيعي الذي يساوي أعمالهم ، حيث تصبح الأعمال عنوان المصير وحركته ونتائجه ، ليشعروا بأنهم كانوا صغارا في حياتهم ، لأنهم ارتبطوا بالأشياء الصغيرة في اهتماماتهم ومشاريعهم وعلاقاتهم ، وعاشوا عزة الظلم ولم يعيشوا عزة العدل ، وتحركوا مع قوّة الباطل التي لا تحمل في داخلها شيئا ، وتركوا قوة الحق التي تحمل في مضمونها كل شيء .. وهذه هي العاقبة السيّئة التي ينتهي إليها استكبارهم العدواني على الضعفاء من عباد الله.
* * *
مواجهة الكفر والعصيان بالصبر
(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) فإن الموقف الرساليّ يفرض المعاناة الروحية والجسدية ، وتحمّل الكثير من المشاكل والآلام ، ولكنها معاناة تتصل ببدايات
__________________
(١) الطبرسي ، أبو علي ، الفضل بن الحسن ، مجمع البيان في تفسير القرآن ، دار المعرفة ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١ ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م ، ج : ٨ ، ص : ٨٢٨.