في أجواء السورة
.. وهذه السورة هي من سور الصراع الذي كان يدور بين النبي والمشركين حول القرآن ، حول ما إذا كان تنزيلا من الله ، أو تعليم البشر ، أو هو صنع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! وكان غرض المشركين الإعراض عنه ، والتشويش عليه ، وإثارة اللغو حوله ، وكانت مشكلة القرآن بالنسبة لهم هي العقيدة التي يتضمنها ، والتي كانت تختلف مع مفاهيم الجاهلية التي يتبنون ، من وحدة الإله إلى وجود الوحي والإيمان بالآخرة ..
وقد ركز الأسلوب القرآني بشكل واضح في هذه السورة على الاستدلال على هذه القضايا في جولته حول الأرض والسماء ، وما فيها من دلالة على وحدانية الله ، مع التحذير الإلهي من التكذيب بحقائق العقيدة ، والسرد التاريخي المتحرك في حياة الأمم السابقة التي كذبت رسلها وأنكرت الرسالة ، كما أنكرها هؤلاء وتمردت على الخط الرسالي ، كما تمرّدوا .. وكيف يواجه هؤلاء وأولئك العذاب الأليم عند الله في الدار الآخرة التي يؤكدها العقل ، الذي يدرك قدرة الله الشاملة ، ويعرف إمكان المعاد ، من التركيز على بداية الخلق ... وتثير السورة سجود الكون من السماء والأرض والشمس والقمر والملائكة وكثير من الجن والناس ، ليسجدوا لله كلّ بطريقته ، تعبيرا عن شعورهم بالعبودية ، وإحساسهم بالحاجة إلى الاعتراف بعبوديتهم تلك ..
* * *