أصل تسمية السورة
وقد سميت بسورة «فصلت» انطلاقا من بدايتها في قوله تعالى : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ ..) ليكون العنوان لحركة السورة في الحديث عن الكتاب الذي جاء ليفصّل للناس حقائق العقيدة ، ومفاهيم الكون والحياة ، من أجل أن تكون ثقافة العقيدة ، ثقافة وافية مفصلة ، تشرح قضاياها ، وتتحدث عن مفرداتها وتجيب عن كثير من علامات الاستفهام حولها ، للإيحاء بأن كل شيء في الإسلام قابل للحوار ، بشرط أن تكون ذهنية الإنسان مستعدّة للتفكير بموضوعية لبناء أسسه ، والوصول إلى قناعات يقينية ، تحتاج بطبيعتها إلى إمعان الفكر والتأمّل والتخلص من رواسب التقليد الجاهليّ المتخلّف.
ولعل من الضروريّ البحث في كثير من تفاصيل المبادئ العامة لأن الاقتصار على عموميات المبادئ يقلّل الخلاف ، لأن التصادم الكبير لا يحدث عادة حول خطوط الأشياء العامة .. ولكن غالبا ، قد يبرز في حركة التفاصيل التي تمثل الخطوط التطبيقية ، والمفردات المنهجية ، والأساليب والوسائل التي قد ترتبط بالجوانب العامة ارتباطا عفويّا. وقد لا نحتاج إلى التأكيد ـ هنا ـ أن التفاصيل التي نتناولها هي التفاصيل ذات الأهمية الكبيرة بالنسبة للمبدأ ، لا التفاصيل التي تمثل المفردات الجزئية المتناثرة في الساحة العملية.
وقد أطلق عليها اسم «حم السجدة» في بعض المصاحف .. لأنها ابتدأت بكلمة (حم) ولاشتمالها على آية السجدة التي يذهب الكثير من الفقهاء إلى وجوب السجود عند سماع تلاوتها من قارئ ، أو عند قراءتها من قارئ القرآن .. وهي قوله تعالى في الآية السابعة والثلاثين : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ). فقد لا يكون الأمر الذي اشتملت