(غَيْرُ مَمْنُونٍ) : أي لا يعقبه المنّ ، وقيل غير مقطوع.
* * *
الوضوح سمة القرآن
(حم) من الحروف المقطعة في القرآن التي تقدم الحديث عنها في أول سورة البقرة.
(تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فقد نزل هذا القرآن من الله ، وهو تنزيل من الرحمن الرحيم .. بما تمثله صفة الرحمة ، التي تتكرر في صيغتين تتحدان بالمعنى وتختلفان في الاعتبار ، من انطلاقه من موقع رحمة الله بعباده الذين أراد أن يفتح عقولهم على آفاق ألوهيته ومواقع عظمته ، وفيوضات رحمته ، ليدلّهم على كل موارد المعرفة ومصادرها ، على أساس الحق الذي قامت عليه السماوات والأرض ، وتحرّك الكون من خلاله ، وليوجّههم إلى ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة من المفاهيم العامة ، والتشريعات التي توازن بين الحاجات والمبادئ ، على أساس الواقع.
وفي ضوء ذلك كانت الآيات التي تؤكد صفة الرحمة في الرسول والرسالة ، حتى أصبحت الرحمة عنوانا للخط وللحركة ، وللقيادة بكل رموزها ومواقعها ..
(كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ) ورتبت ترتيبا جيّدا بحيث لا تختلط آية بآية ، ولا مفهوم بمفهوم بل وجدت الفواصل البيانية والفكرية بين الآيات والمفاهيم ، بشكل واضح لا مجال فيه للالتباس ، مما يجعل الوضوح أساسا للأسلوب القرآني في كل مفرداته ليتمكن قارءو القرآن ، والمستمعون له ، والمتأملون فيه ، من الفهم السليم ، وليحصلوا على وضوح الرؤية ، لأن الدعوة ـ في الإسلام ـ تقوم على وعي مبادئ الدعوة ومفاهيمها المرتكز على الفهم الجيّد لتلك