(فَاعْمَلْ ... إِنَّنا عامِلُونَ)
(وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) وهو أسلوب ساخر معاند يريد أن يوحي للنبي بأن عقولهم في داخل منطقة مغلقة مغطّاة بالكثير الكثير مما يمنعها من الانفتاح على كلامه في التوحيد وفي الوحي والمعاد وقضايا الإنسان في الحرية والعدالة .. فهي لا تفقه كلامه ، ولا تفهم دعوته ، كما لو كانت مغطاة بأغطية تحجب عنها كل ما يمكن أن يأتيها من الخارج.
(وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) أي ثقل من الصمم ، يمنعنا من سماع أيّ شيء تقوله ، (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) فهناك أكثر من حاجز يحجزنا عنك ، فلا نلتقي معك على شيء ، ولا نجد ما يربطنا بك ، فإن هناك كثيرا من الموانع الطبيعية والذاتية والمصلحية التي تحول بيننا وبينك ، فأنت في واد ونحن في واد آخر .. فلا تجرّب دعوتك معنا ، بل حاول أن تجرّبها مع آخرين.
(فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) فخذ حريتك في التحرّك ، واعمل ما تحب أن تعمله ، فإنا ماضون في موقفنا المضادّ الذي يرفضك ويرفض رسالتك. لذلك فإننا سنواجهك بكل ما نملك من وسائل المواجهة ، ولن نمكّنك من تغيير تقاليدنا وتسفيه أحلامنا وسبّ آلهتنا وتضليل شبابنا ، مهما كلفنا ذلك من جهد وتضحية وقوّة.
* * *
الصوت الرسالي الواثق بربه
وينطلق الصوت الرسالي وديعا صريحا واثقا بنفسه ، من خلال ثقته بربّه مطمئنا إلى موقفه ، مصرّا على دعوته ، لأن الرسل لا يتراجعون ، ولا ييأسون ، بل يتابعون التحرك ، لأنهم يستشرفون المستقبل ، إذا كان المعارضون يفكرون بالماضي ويختنقون في زوايا الحاضر ، ولا يبصرون إلّا مواقع أقدامهم.
(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) لا أختلف عنكم في الشكل والنوع والبلد ، فأين