هي الحواجز التي تحول بيني وبينكم ، لتمنعكم من سماع كلامي ، ومن فهم دعوتي ومن اللقاء بي. إن كلامكم يوحي بأني من جنس ، وأنتم من جنس آخر ، وأن لكم خصائص تختلف عن خصائصي ، والواقع أنه ليس هناك فرق بيني وبينكم سوى أنه (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فقد تعمّق إحساسي بالوحي وبالمضمون التوحيدي للعقيدة ، الذي عشته في العمق الوجداني ، بكل روحي وعقلي وكياني ، ورأيته بكل وضوح الحقيقة ، لا يترك في شك ولا ريب ، ولا التباس ، فتعالوا إليّ فإني أحب أن أرى إشراقة الحق في عيونكم مهما بذلت في ذلك من جهد ، فأنا لا أدعوكم إلى نفسي ، لأكون ملكا عليكم ، أو لأحصل على أموالكم ، أو على أيّ امتياز بل إني أدعوكم إلى الله الذي لا إله إلا هو ، فهو الربّ وهو الخالق ، وهو الحق (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ) وتحرّكوا في خط التوحيد والعدل في اتّجاه الاستقامة لتلتقوا به ، وتصلوا إليه ، وتنفتحوا عليه ، فذلك هو سبيل النجاح والنجاة ، (وَاسْتَغْفِرُوهُ) من كل الذنوب التي صدرت عنكم نتيجة ما اتخذتموه من مواقف في خط الباطل أو تتخذونه ـ الآن ـ من موقف مضادّ للحق ، تسيئون به لله سبحانه ، (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) الذين يشركون بعبادة الله غيره.
* * *
الزكاة وروحية العطاء
(الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) والظاهر أن المراد بها الإنفاق العام الذي يجسد روحية العطاء ، وهي روحية لا يعيشها هؤلاء الوثنيون الذين يلتصقون بالحجارة ، ويستغرقون في عبادتها ، حتى تتحول مشاعرهم إلى مشاعر متحجرة لا تنبض بالخير ، ولا تتحسس آلام الآخرين ، بل تواجهها كما يواجه الحجر الجامد أيّ إحساس. وليس المراد بالزكاة بمعنى الصدقة الواجبة التي شرّعها الله سبحانه ، لأنها من الآيات المكية وقد شرّعت الزكاة في المدينة.
وقد حاول البعض أن يستدل بهذه الآية على تكليف الكفار بالفروع كما