وتفكرون أنه هو الذي خلقها ، لا أوثانكم التي تعبدونها وتزعمون لها صفة الألوهية ، مع الله ، أو من دونه (رَبُّ الْعالَمِينَ) الذي تخضع له كل العوالم ، في وعيها الذاتي والفكري لربوبيته ، فليس هناك موجود حيّ أو جامد إلّا وهو مخلوق له ، مربوب له فأين تذهبون؟ وكيف تفكرون؟ (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها) وهي الجبال الشامخة في علوّها الثابتة على الأرض ، التي تثبتها فتمنعها من الاهتزاز والسقوط (وَبارَكَ فِيها) فجعل فيها الكثير من المنافع والخيرات التي تحقق لكل الموجودات الحيّة والنامية شروط حياتها ، (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) وذلك بما أودعه فيها من عناصر الغذاء التي يحتاج إليها من يعيش فيها من إنسان وحيوان ونبات ونحوه بحيث يفي استغلال تلك العناصر بحاجة كل هذه المخلوقات ، فلا ينقصها ما تحتاجه منه ، إلا إذا ما أهملت استخراجه ، أو استغلته في غير موضعه ، أو احتكره بعض دون غيرهم.
وهذا هو الظاهر من كلمة (سَواءً لِلسَّائِلِينَ) أي من دون زيادة أو نقصان في أقوات هذه الموجودات المحتاجة التي تتوجه بالسؤال إلى الله بلسان حاجتها تلك. وإذا كانت كلمة السائلين مختصة بذوي العقول من المخلوقات ، فمن الممكن أن تكون شاملة لغيرهم بلحاظ التغليب ، أو بلحاظ استفادة ذلك من خلال طبيعة الحاجة المشتركة بينهم وبين غيرهم ، والله العالم.
* * *
ما معنى تقدير الأيام الأربعة؟
وقد اختلف المفسرون في توجيه معنى تقدير الأربعة أيام ، فهل هي ظرف لتقدير الأقوات بذاتها ، أم هي ظرف لمجموع خلق الأرض وتقدير الأقوات ، بحيث يكون المراد تتمة الأربعة أيام ويكون المعنى : «قدّر الأقوات في تتمة أربعة أيام من حين بدء الخلق ، فيومان لخلق الأرض ويومان ـ وهما