انفعالهما التكوينيّ بذلك (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) في ما قضيت من الخلق والتدبير وقد ذكر في الميزان ، «إن تشريك الأرض مع السماء في خطاب (ائْتِيا) إلخ ، مع ذكر خلقها وتدبير أمرها قبلا ، لا يخلو من إشعار بأن بينهما نوع ارتباط في الوجود واتصال في النظام الجاري فيهما ، وهو كذلك ، فإن الفعل والانفعال والتأثير والتأثر دائر بين أجزاء العالم المشهود»(١).
* * *
الله القادر العليم
(فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) في تخطيطه لتفاصيل وجودها ، وتحديده لعددها ، في ما أراده من خلق السماوات في نظامها الذي يرتكز على أساس الحكمة البالغة (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) في ما تجري عليه من مفردات النظام الكوني ، وما تخضع له من إرادة الله ، لجهة المخلوقات التي تسكنها ، والكواكب التي تحتويها في آفاقها المترامية.
ولعل التعبير بالوحي جار على سبيل الكناية ، في ما يمثله من نزول الأمر وحركته في وعيها الذاتي لوجودها في حركتها الكونية ، تماما كما هو الوحي الذي يتفاعل في العقل ، ويتحوّل إلى واقع في حياة الناس الملتزمين بإرادة الله المنقادين له.
ويمكن أن يكون المراد بالأمر ـ حسب ما ذكره البعض ـ الأمر الإلهي الذي يتنوع في كل سماء الذي يوحيه الله إلى الملائكة من أهلها في ما ينزلون به من أمر الله حاملين له ، ويعرجون إليه بكتب الأعمال ، أو الأمر التكويني بمعنى الإيجاد وهو خلق الأشياء وحدوث الحوادث تحمله الملائكة من عند ذي العرش وتسلك في تنزيله طرق السماوات فتنزّله من سماء إلى سماء حتى تنتهي به إلى الأرض فللأمر نسبة إلى كل سماء باعتبار الملائكة الساكنين فيها ، ونسبة إلى كل قبيل من الملائكة الحاملين له باعتبار تحميله لهم وهو وحيه إليهم.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٧ ، ص : ٣٦٧.