على وحدته وسلامته ، ومنها الإصلاح في ما يتنازع فيه الناس ويتقاتلون عليه ، والوقوف ضد الباغي عند ما يتمرد البعض فيه على الآخرين ، والحكم بينهم بالعدل في مجال الصلح والحسم ، واعتبار الأخوّة علاقة أساسية بين المؤمنين ، بحيث يتحملون مسئولية الإصلاح على خط التقوى الذي يشمل كل أوضاعهم وعلاقاتهم.
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) كما يفعل الناس عادة جرّاء خلافهم حول القضايا الخاصة أو قضايا المال أو الرأي أو العرض أو العصبية أو نحو ذلك ، عند ما يدخل الشيطان بينهم ويثير العداوة والبغضاء ويؤدّي بهم ذلك إلى حمل السلاح ضد بعضهم البعض ، (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) بالوسائل التي تملكون تحريكها في جمع الشمل ولمّ الشعث وتأليف القلوب وتقريب المواقف أو توحيدها ، وقد وضع الإسلام الإصلاح بين المؤمنين في مرتبة عليا تتقدم على المستحب من الصلاة والصيام ، وقد بلغ الاهتمام به حدا كبيرا بحيث أجاز للمصلحين الكذب إذا توقف الإصلاح عليه.
(فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى) وامتدّت بالعدوان ، فلم تقبل بالصلح ولم ترجع إلى ما تملكه من مواقع الحق (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) من الوقوف عند الحق أو القبول بالصلح ، لأن إبقاء الأمور معلّقة في المجتمع ، وعدم اللجوء إلى ما يلغي الخلافات من موقف حاسم تتخذه القوّة الاجتماعية على مستوى القيادة أو القاعدة ، قد يهدِّم قواعد المجتمع ، ويدفع به إلى الانهيار ، ويجعل الإسلام في موقع الخطر. وهذا ما جعل الأمر بالقتال موجها إلى أفراد المجتمع كله على نحو الوجوب الكفائي الذي إذا قام به البعض سقط عن الكل ، وإذا تركوه أثموا جميعا.
(فَإِنْ فاءَتْ) ورجعت الطائفة المعتدية إلى أمر الله ، (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ) وذلك بالرجوع إلى الأحكام الشرعية المجعولة في موارد الخلاف (وَأَقْسِطُوا) بينهما ليأخذ كل فريق منهما ما يملكه من حق ، أو ما يفرضه الصلح في ما يتراضيان به ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الذين يعملون على أساس تحقيق